صناعة الأمل

صناعة الأمل

كلما اشتدت الأزمات من حولنا، واستشرى اليأس في النفوس، وغاب الأمل عن الناس، وانقطع الرجاء من كل سبب، ينبري للأمل فرسان يحملون شعلته ويرفعون رايته ويدورون في الحنايا والبيوت يزرعون حبات الأمل تحت الثرى لتنبت أشجارا من عمل، يوزعون طاقات من نور لفجر مرتقب، يتلفحون بالأمل دون اليأس وينشرون البشرى دون الإحباط. فكن واحدا من هؤلاء الفرسان ... خاصة إذا علمت أن ّاليأس هو القنوط، أو كما يقول د. النابلسي عنه:“هو انطفاء جذوة الأمل في الصدر، وانقطاع خيط الرجاء في القلب، هو العقبة الكؤود، والمعوق القاهر الذي يحطم في النفس بواعث العمل، ويضعف في الجسد دواعي القوة”.ولجني الثمار المرجوة من الأمل الإيجابي- أي:الرّجاء- نقاط أساسية يجب تحقيقها وهي:
1) القدرة والرغبة:  إن الأمل المنهجي الذي ندعو إليه يقر بـ:أ- التعويل على رغبة الإنسان في الفعل.ب- الإيمان بقدرة الإنسان على الفعل.ج- الإيمان بقدرة الفعل على الإنجاز، "الفعالية".
2) الغاية وتجاوزها :لكل عمل غاية من ورائه يقرّ الإنسان بأنها هي الدافع الأساسي لهذا العمل ولسعيه في تنفيذه، تلك الغاية كلما علت وارتقت كلما كانت أقدر على دفع الإنسان نحو العمل والحفاظ على استمراره فيه، وكلما كانت متجاوزة لحاجته المادية إلى حاجته الروحية، ومن مصلحته الشخصية إلى المصلحة العامة، ومن مكافأتها الدنيوية إلى ثوابها الأخروي، ومن ارتباطها الكلي بالأرض إلى السماء، ومن ارتباطه الكامل بالأسباب إلى التعلق المطلق بخالق الأسباب، وبمقدار هذا التجاوز يكون الأمل؛ لأن صاحب العمل ارتبط بما هو أكبر من إمكاناته الشخصية، ارتبط بالقوة العليا التي تدبر الكون وتدير الأمور وتجري المقادير.
3) البصيرة والعمل المتبع:كلّ أمل لا يتبعه عمل يحققه لا يعوّل عليه، فهو حينئذ ليس إلا تواكلا سلبيًا يجعله يستحق لقب"الأماني"، وكل عمل متبع لابد أن يكلل ببصيرة ترى دوره في المستقبل وتدرس أثر إنجازه حال تحققه.خلاصة القول:  اليأس والكفر متلازمان، والأمل والإيمان متلازمان، فالأمل عبادة لله، نأمل في رحمته فنستغفره، ونأمل في كرمه فندعوه، ونأمل في معيته فنذكره، ونأمل في جنته فنترك معاصيه، ونأمل في حبه فنتقرب إليه بالفرائض والنوافل، ونأمل ظل عرشه فنحب إخوانا لنا فيه. وكلّ عبادة يصحبها أمل في أن يتقبلها الله، ولا أمل إطلاقا لمن لا عمل له. إن الأمل في ديننا فرض، فارفعوا راية الإيمان تعلوا بها رايات الأمل، ويندثر اليأس تحت أقدامكم هيبة ومخافة، لتستمر رسالتكم الجليلة وتتوج بتباريح الفجر وأهازيج الانتصار.
المصدر: موقع"يقظة فكر"-بتصرف-

أكتب تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *