الصبر على الابتلاء

بسم الله الرحمن الرحيم                                                                          

الحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات ،  والحمد لله على تعاقب الليل والنهار والحمد لله على طول الأعمار،والحمد لله على عمارتها بالخير والطاعات ، والحمد لله على ما قضى وقدَّر علينا من الابتلاء والامتحان،و الحمد لله على ما تفضل به  علينا من نعم لا تعدُّ و لا تحصى جليلة وصغيرة  ،  والحمد لله على نعمة الإسلام وعلى نعمة الهداية والإيمان ، و الحمد لله على نعمة الوحدة وكفى بها نعمة ، والحمد لله على نعمة التعاون والتكاتف في اليسر والعسر وفي الرخاء والشدَّة أعظم بها من نعمة .فاللهم  لك الحمد حمدا يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك   و كريم عطائك فاللهم لك الحمد حمدا يكافئ نعمك ويوافي مزيدها،لا نحصي ثناء عليك إلا كما أثنيت أنت على نفسك  ، فاللهم لك الحمد حمدَ الشاكرين الأوابين التوابين القانتين ، اللهم لك الحمد بجميع المحامد و لك الحمد حمدا يرضيك عنا ويبلغنا و يورثنا جنتك ،اللهم لك الحمد حتى ترضى و لك الحمد إذا رضيت و لك الحمد بعد الرضا ، فاللهم لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ  ومن فيهن و َلَكَ الْحَمْدُ أَنْتََ قيُّومُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ومن فيهن  و َلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ  ، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم حق، وأشهد أن لا  إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيُّه من خلقه  صلوات ربي وسلامه عليه ما دامت السماوات والأرض  وعلى صحابته الكرام الغرِّ الميامين أفضل الرضا والتسليم ،أما بعد : عباد الله اذكروا الله  يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر  والله يعلم ما تصنعون عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله في السرِّ والعلنِ فإن َّذلك  وربي  سبب للفوز والفلاح والنجاة  في الدنيا و الآخرة قال تعالى :" مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً و َلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ  "و ذ لك سبب لاستزادة النعم واستدامتها قال تعالى :" وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ " وأوصيكم ونفسي بترك المعاصي والمنكرات فإن ذلك وربِّي سبب للضلال والشقاء والضنك  والخسران المبين قال تعالى :" ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا "وسبب لمؤاخذة الله تعالى لنا على نعمه وأخذها منا قال تعالى :" ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"عباد الله إننا في أيام فتنة وابتلاء وتمحيص  من الله ، فلنرض  على ما قضى الله علينا وقدَّر فإن ذلك وربي من صميم الإيمان بالله والإيمان بقضاءه  وقدره .قال تعالى في سورة العنكبوت :" الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)".قال تعالى :" وَ  لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ  مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) ".البقرة عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ " صحيح مسلم - (ج 14 / ص 280).عن أَبَي هُرَيْرَةَ قَالَ  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفُهُ وَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً فَلْيَعُذْ بِهِ " صحيح مسلم - (ج 14 / ص 58)أحبتي في الله لنصبر على قضاء الله وقدره   وابتلائه وامتحانه ولنحتسب الأجر والثواب عند الله  .عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَقَالَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ  { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَ أَعْقِبْنِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِ"، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ ذَلِكَ ثُمَّ قُلْتُ وَمَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ فَأَعْقَبَهَا اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَزَوَّجَهَا  ".عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ " صحيح مسلم - (ج 13 / ص 142)أ حبتي في الله إنَّ المُصابَ جَللٌ في هذه الفتنة والمحنة  وحسبنا الله ونعم الوكيل اللهم إنا نبرأ إليك مما يعمل الظالمون اللهم إنا نكل أمرنا إليك ونتوكل عليك لا ملجأ لنا ولا منجى منك إلا إليك ،اللهم إليك نشكو ضعف قوتنا وهواننا على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربنا، إلى من تكلنا، إلى بعيد يتجهَّمنا، أم إلى عدو ملكته أمرنا ؟ ! إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالى، ولكن عافيتك هي أوسع لنا،نعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بنا غضبك أو يحل علينا سخطك، لك العتبى حتى ترضى، لا حول ولا قوة  إلا بك ".  أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه تجدوه غفورا رحيما .الخطبة الثانية :الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين و لا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه الكرام الغر الميامين : أما بعد :أحبتي في الله رجاؤنا في الله كبير وعزاؤنا في الله لكل من أصيب في ولده أو زوجه أو  والده ، وندعو الله أن يرزقهم الصبر والسلوان وأن يخلف لهم في مصيبتهم خيرا منها وأن يرحم شهدائنا الذين غُدر بهم وتعدي عليهم  و نسأل الله تعالى أن يشفي كل مصاب في بدنه وأن يجعل مصيبته سببا لمغفرة الذنوب والعتق من النيران ، ونسأل الله تعالى أن يخلف رزقا حلالا واسعا من فضله  العظيم كل من أتلف ماله بغير حق ، ونسأل الله تعالى أن يذهب روع كل من روع في بيته أو حيّه أو في أقربائه .فاللهم فرَّج همَّ المهمومين وكرب المكروبين و غمّ المغمومين اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين اللهم من أراد بنا وببلادنا الجزائروبالإسلام سوءا فاشغله بنفسه اللهم شتت شملهم واقطع نسلهم و احصهم  عددا ولا تبقي منهم أحدا اللهم اجعل تدبيرهم تدميرهم اللهم اجعل كيدهم في نحورهم واجعل بأسهم بينهم شديد اللهم أرنا فيهم مقتك وغضبك وجميع سخطك يا رب العالمين ،اللهم إنا مظلومون فانتصر اللهم إنا مظلومون فانتقم يا عزيز يا منتقم يا رب العالمين، اللهم إنا  نعوذ بك من زوال نعمتك ، ومن تحول عافيتك ، ومن فجاءت نقمتك  ، ومن جميع سخطك يا رب العالمين ، اللهم أبرم لبلادنا الجزائر أمرا رشدا اللهم وفق ولاَّت أمورنا إلى ما تحب وترضى اللهم وارزق بلادنا قيادة راشدة في ظل هذه الأزمات والانتخابات  تأخذ بيد الرعية إلى البر والتقوى  اللهم اجعل بلادنا رخاء سخاء يسرا ورحمة و  أمنا وسائر بلاد المسلمين ، اللهم قنا الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم جنِّبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن اللهم لا تآخذنا بذنوبنا ولا بما كسنت أيدينا و لا بما فعل السفهاء منا  إن هي إلا فتنتك تظل بها من تشاء وتهدي بها من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ...وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين .

أكتب تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *